= ماذا فعلات الدراما بالمرأة؟
لا ينكر أحد أن الأذن بوابة القلب، وأن العين هي بريده الذي يرسل إليه كل ما يلتقطه من الصور والمناظر، فمن يواظب على الإستماع إلى شىء، ويواصل التحديق إليه فكأنما يُشرِب قلبه هذا الشيء، ثم يرسل هذا القلب بإعتباره ملك الأعضاء الإشارات إلى الأذن والعين للحرص على التسمع لذلك الشيء، ومواصلة إرسال البريد ثم يعود القلب ليتلقفه وتتابع هذه العملية فلا الأذن تكف، ولا العين تمل، ولا القلب يشبع.
والخالق سبحانه الذي فطر الإنسان وجعل له أذنين لم يتركه سدى يتيه بين المسموعات بل أمره أن يصم أذنيه عن سماع الباطل، وأن يغض البصر عن الموبقات، وعليه أن يلقي السمع إلى الحق ويمد بصره إليه وقلبه شهيد، وأنزل الكتاب تذكِرة على الرسول المذكِر صلوات الله وسلامه عليه، وأمره الله سبحانه أن يقص القصص الحق للتفكر والتدبر.
¤ سلم الوصول:
والمسلم يحرص على التمسك بمنهج ربه والحياة في معية أحسن القصص لأخذ العبرة وليكون من أولي الألباب فإذا إبتعد عن الطريق المستقيم فبقدر ما يبتعد يتصيده أعداؤه بالأحاديث المفتراة والدرامات المهلكة لقيمه وأخلاقه.
¤ البريق الزائف:
ولم يكن عفوا أن يكيد أعداء الأمة الإسلامية لأبنائها، وأن يدسوا الدراما بكل أشكالها فتزداد تغلغلا في المجتمع لتزيده ضعفا وإنحلالا.
ولم تترك الدراما جانبا من جوانب المجتمع إلا وإنهالت عليه بمعاول الهدم والإفساد حتى إن المرء ينظر حوله فلا يكاد يرى إلا أن المعروف شرعا أصبح منكرا، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
¤ السهام المصوبة للجوهرة المصونة:
وللمرأة النصيب الأكبر من الرسالات المنبثة من تلك الدرامات المهلكة، فأعداء الأمة يدركون جيدا أن المرأة محور الأسرة، وأن بإفسادها يتحقق لهم ما يرمون إليه من العبث في أساس المجتمع، وأخذت الدرامات المسمومة المصبوغة بالعسل الخداع المتنكرة بدعوى تحرير المرأة وحمايتها من ظلم مجتمعها والخروج بها من الظلمات إلى النور، والإشادة بما يمكن أن تقوم به إذا سلمت زمام أمرها لبريق تلك الدعوات.
فعندما نستعرض تلك الجوانب التي لعبت عليها الأفلام والتمثليات والقصص والروايات والكتابات والبرامج والحوارات ومختلف أساليب الدعاية والإعلانات ندرك أن تلك الحرب الشعواء كانت على كل جوانب المجتمع في آن واحد، فتعاملت مع المرأة بكل صورها زوجة وأما وبنتا وأختا وجدة وأم لزوج وأم لزوجة، وبكل أوضاعها متعلمة وأمية ومثقفة وجاهلة وعاملة في خارج البيت وداخله وكُلًا يُقدم له ما يصيبه بحنكة وعلى خطوات.
¤ المحاور متعددة والهدف واحد:
فبنظرة إلى المرأة زوجة إستمر الطرق على رسم الصورة لها أنها لكي تحقق سعادتها المنشودة فإن زوجها بالطبع كل حياتها لكن على أسرته أن تبقى بعيدا عنها، فليس لهذه الأسرة على هذا الإبن أي حق فقد تزوج وأنشأ أسرة جديدة وأصبح مِلكا لها، فلتبتعد تلك الأسرة بقدر الإمكان، إلا أن يكون لها يد في الإغداق عليها وعلى أسرتها، وحتى لو كان ذلك فلن ترضى عنهم فهم متطفلون وليس لهم غرض إلا إفساد حياتها ومقاسمتها في ذلك الزوج، وقد سلطت تلك الدرامات الضوء على أم الزوج، وإنبثقت الأفكار من خلال الصور الهزلية المضحكة الساخرة من تلك الأم، وأنها ليست إلا قنبلة ذرية ستحطم الكيان الأسري الجديد، وأن تلك الأم عليها أن تنسى تماما أنه كان لها ابنا فقد تزوج وعليها أن تكتفي بسماع أخباره عن بعد!
¤ نماذج هدامـــة:
وبدأ البث المباشر بتقديم بعض الحالات التي ظلمت فيها بعض الزوجات نتيجة لبعض الأخطاء الفردية، بل تصويرها على أن هذا الظلم قد حدث للغفلة عن حقوق المرأة وكيف أنهن تركن أنفسهن لجاهلية قديمة، وأخذت الدرامات المأساوية ترسم لها نتائج ضعفها أمام أسرة زوجها وتصويرها على أنها لا تعدو إلا أن تكون خادمة ذليلة لهم وأنها أصبحت كما مهملا، ثم تتوالى النصائح على أذن الزوجة في مواجهة تلك المظالم، وأن عليها أن تقي نفسها شر ويلات حماتها وأسرة زوجها، وتتبلور الدرامات لتفتح لها الأبواب المهلكة، وتتفنن الأفلام والتمثليات والأقلام في طرح الإبداعات للخروج من ذلك الضعف وتلك المهانة.
وأصبح التكرار يؤثر على القلوب، وصار الوحي للجميع بأنه لا مانع من الكذب في علاقات الجميع بعضهم لبعض تحت غاية حفظ كيان الأسر، ثم يتابعه البث على كيفية المكر وتدبير المكائد لتقطيع ما أمر الله به أن يوصل فلا داعي لرابطة الأسرة الكبيرة التي يكون للجد ولجدة والعم والعمة فيها تواجد، وبدأت الروابط والأواصر تضعف ويصيبها الوهن، وأخذت الأبواق تعلو وتصرخ في أذن الزوجة عليكي أن تديري أنتِ حياتك ولا تبالي بما شرعه الخالق.
¤ أين النجـــاة؟
ومع تشعب الأمور وإختلاطها والإنغماس في التلقي لما يحاك، وحين تتعامى المرأة عن طاعة ربها وفقه دينها تصبح غير قادرة على التمييز بين الخير والشر فليس لها إلا أن تفيق من غيها وسكرتها وتعود لعزتها وكرامتها فمن كان يريد العزة فإن العزة لله جميعا ولا عاصم من المهالك إلا الله سبحانه.
الكاتب: تهاني الشروني.
المصدر: موقع رسالة المرأة.